أخر الاخبار

مسجد باريس الكبير .. بناء مغربي يتعرض للاستحواذ الجزائري بدعم فرنسي

 

مسجد باريس الكبير .. بناء مغربي يتعرض للاستحواذ الجزائري بدعم فرنسي
صورة: مواقع التواصل الاجتماعي
 

قال الكاتب الصحافي عبد النبي الشراط إن “مسجد باريس الكبير بناه السلطان المغربي مولاي يوسف، واستحوذت عليه الجزائر بدعم فرنسي”، مضيفا أن “الكثيرين لا يعرفون القصة، والكثيرين سيُصدمون بحقائقها، سواء من المغاربة أو من الجزائريين، أو من الجاليات العربية في فرنسا وأوروبا، وحتى من العرب”.

وأوضح الكاتب الصحافي، في مقال له حول “مسجد باريس الكبير”، أن “الإسلام لم يظهر في فرنسا بشكل علني إلا بعد الهجرة العمالية، وهذا ما يمكن تسميته بـ’الإسلام الشعبي’. أما دبلوماسيا، فلم يظهر الإسلام في فرنسا إلا سنة 1926، عندما تم تأسيس مسجد باريس الذي أمر ببنائه السلطان المغربي مولاي يوسف رحمه الله، وتم افتتاحُه بشكل رسمي بحضور المارشال ليوطي، وتم تعيين أول إمام لهذا المسجد من طرف السلطان مولاي يوسف”.

وقال الشراط إنه “على المغاربة ألا ينسوا أبدا أن الجزائر تحتل أرضهم كما تحتل إسبانيا أرضهم الأخرى، وسوف نلقن هذا التاريخ لأبناء المغرب جيلا بعد جيل، إلى أن يحين وقت استرجاع جميع أراضينا من الاحتلالين الجزائري والإسباني”، مشيرا إلى أن “فرنسا اقتطعت أراض تابعة للسيادة المغربية وفوتتها للجزائر خلال تأسيسها لها سنة 1962، وأبعدت المغرب عن إدارة مسجده بباريس، وفوتته للجزائر أيضا؛ لأن المغرب كان دائما عصيا على السلطات الاستعمارية الفرنسية”.

هذا نص المقال:

الكثيرون لا يعرفون القصة، والكثيرون سيُصدمون بحقائقها، سواء من المغاربة أو من الجزائريين، أو من الجاليات العربية في فرنسا وأوروبا وحتى من العرب..

“مسجد باريس الكبير”.. من بناه؟ ولمن تعود ملكيته؟ ومن يسيطر عليه اليوم؟..

تعتقد جارتنا العزيزة الجزائر أن هذه الصفحة قد طُويت إلى الأبد، وأن المغاربة قد نسوا أو تناسوا موضوعها؛ وتظن جارتُنا الشرقية أن التاريخ قد أسدل عليها رداء النسيان؛ وأن المغاربة لم يعودوا يهتمون بهذا الأمر !..

في العدد 31 من “جريدة الوطن” المغربية الصادر في شهر يناير سنة 1999، كنا أجرينا حوارا صحافيا مع رئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا الدكتور محمد بشاري. وفي هذا الحوار كنا تطرقنا لهذه القضية؛ بمعنى أن المغاربة يجيدون قراءة التاريخ ولا يهملونه أبدا، وأننا إذا توقفنا عن التذكير بالتاريخ، فإننا نفعل ذلك عمدا، في محاولة منا لإرضاء أشقائنا لا غير؛ و”مسجد باريس” هذا لا تقل أهمية المطالبة به عن أهمية المطالبة باسترجاع الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر، كما تحتل إسبانيا الكثير من الأراضي المغربية على رأسها سبتة ومليلية. حتى لا يقول قائل لماذا نطالب باسترجاع الصحراء الشرقية ومسجد باريس ولا نطالب باسترجاع الأراضي التي ما زالت تحتلها إسبانيا؛ كما تحتل الجزائر الكثير من أراضينا، ليس الصحراء الشرقية فحسب، بل هناك مدن ومناطق أخرى تحتلها الجزائر وهي تعود إلى السيادة المغربية.

نخصص هذا المقال لمسجد باريس، وبإمكاننا العودة إلى الأمور الأخرى في وقتها، ولكل مقام مقال..

فما هي قصة مسجد باريس الكبير؟!..

في البداية، نلقي إطلالة سريعة على تاريخ الإسلام في فرنسا.

حينما أنهت فرنسا عهدها بسيطرة الكنيسة على مقاليد الحكم، ووضعت دستورها العلماني المتنور سنة 1905، أكدت في ديباجة هذا الدستور (أن الجمهورية الفرنسية لا تعترف بالدين، ولكنها تعرف جميع الأديان) ويراد بالأديان هنا: الديانتان المسيحية واليهودية، لأن الدين الإسلامي لم يكن مؤثرا آنذاك في المجتمع الفرنسي، أو لنقل بأنه لم يكن موجودا.. وعلى أساس هذه المعادلة الدستورية تم إقصاء الإسلام فيما استفادت الديانتان اليهودية والمسيحية من قوانين الجمهورية العلمانية، خاصة في مجال التعليم؛ حيث تدرس تعاليم الديانتين ضمن البرامج التعليمية الفرنسية، بينما لا يستفيد الدين الإسلامي من ذلك، ولا يوجد أي ذكر للدين الإسلامي في المناهج التعليمية الفرنسية حينئذ؛ لأن الإسلام كان غائبا خلال إعداد الدستور الفرنسي، والقوانين الفرنسية الأخرى في هذه الفترة (1905).

وبالتالي، فإن الإسلام لم يظهر في فرنسا بشكل علني إلا بعد الهجرة العمالية، وهذا ما يمكن تسميته بـ(الإسلام الشعبي).

أما دبلوماسيا، فلم يظهر الإسلام في فرنسا إلا سنة 1926، عندما تم تأسيس “مسجد باريس”، الذي أمر ببنائه السلطان المغربي مولاي يوسف رحمه الله، وتم افتتاحُه بشكل رسمي بحضور المارشال ليوطي، وتم تعيين أول إمام لهذا المسجد من طرف السلطان مولاي يوسف، وهو الشيخ العلامة قدور بن غبريط، الذي كان أحد مستشاري السلطان آنذاك، والذي تحمل مسؤولية عمادة المسجد من سنة 1926 إلى سنة 1954، ثم خلفه ولده الشيخ أحمد بن قدور بن غبريط، وقضى كعميد للمسجد ثلاث سنوات فقط، (1957-1959). والكل يعلم أن هذه الفترة كانت حرجة جدا بين المغرب وفرنسا، إذ كانت هذه الأخيرة تشهد نهاية احتلالها للمغرب وقبل هذه الفترة بقليل تم فيها نفي السلطان محمد الخامس رحمه الله من طرف السلطات الاستعمارية الفرنسية، وزجت به وبأسرته في جزيرة مدغشقر كما هو معروف.

وخلال تلك الفترة الحرجة في تاريخ العلاقات الفرنسية المغربية، بعد نفي السلطان محمد الخامس واشتداد المقاومة المسلحة المغربية ضد فرنسا، عينت السلطات الفرنسية الشيخ الجزائري (حمزة بوبكر) وبعده خلفه ابنه الشيخ دليل بوبكر، ثم تعيين الشيخ عباس الحسيني ابتداء من سنة 1982، وهو جزائري أيضا، وظل في منصب العميد حتى سنة 1989، حيث عينت الجزائر الشيخ الدكتور التجاني هدام حتى سنة 1992، وهو تاريخ إلغاء نتائج الانتخابات بالجزائر، حين فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ودخلت البلاد في دوامة حرب ودماء بين أبناء الشعب الواحد في صراعهم على السلطة. ومعلوم أن الدولة الجزائرية آنذاك كانت عينت الدكتور التجاني هدام عضوا بالمجلس الأعلى للدولة، بعدما جيء به من باريس كوجه من الوجوه الإسلامية البارزة؛ وخلال هذه الفترة استعادت فرنسا سلطتها على المسجد فقامت بتعيين الدكتور دليل بوبكر عميدا جديدا للمسجد، وهو كما سبق ذكره ابن الشيخ حمزة، وللعلم فإن بوبكر ووالده من جماعة (الحرگة) الموالية للاستعمار الفرنسي في الجزائر خلال احتلاله لها.

هذه هي سياسة فرنسا الاستعمارية، حيث تتدخل حتى في العقائد والأديان، حرصا منها على خدمة مصالحها الاستعمارية بكل الطرق.

الآن يدير مسجد باريس الكبير الشيخ شمس الدين حفيظ، وهو من مواليد الجزائر سنة 1954، وتم انتخابه عميدا لهذا المسجد خلال شهر يناير سنة 2020، بعد استقالة بوبكر من هذا المنصب لأسباب خاصة كما قيل، إذ كان يبلغ بوبكر 79 سنة خلال تقديمه استقالته من عمادة المسجد.

خلاصة:

فرنسا اقتطعت- كعادتها – أراض تابعة للسيادة المغربية، وفوتتها للجزائر خلال تأسيسها لها سنة 1962، وأبعدت المغرب عن إدارة مسجده بباريس، وفوتته للجزائر أيضا.. لأن المغرب كان دائما عصيا على السلطات الاستعمارية الفرنسية، حتى حينما حاولت خلق فجوة بين المغاربة وسلطانهم محمد الخامس سنة 1954، وقامت بنفيه، التأم المغاربة من أجل مطلب واحد، هو المطالبة بالعودة السريعة للسلطان المغربي الشرعي، بعد تنصيب دمية فرنسا ابن عم الملك العميل بن عرفة، الذي لفظه المغاربة ورفضوه، وكانت الجزائر وقتئذ مجرد ولاية فرنسية، وكانت المملكة المغربية طبعا، إلى جانب تحرير الجزائر من حكم فرنسا، مع دعمها بالسلاح والرجال؛ لكن جارتنا العاقة تناست كل شيء، وبدلا أن تصطف إلى جانب المملكة المغربية، ها هي تُعاديها وتحاول سرقة المزيد من أراضيها عبر خلق كيان وهمي حقير وعميل، يخدم مصالحها الاستعمارية في الصحراء الغربية المغربية.
ولعل الجزائر تفعل ذلك حتى ننسى احتلالها لصحرائنا الشرقية ومدن أخرى تحسبها الآن ولايات جزائرية، وهي بذلك واهمة، وعلى المغاربة ألا ينسوا أبدا أن الجزائر تحتل أرضهم كما تحتل إسبانيا أرضهم الأخرى، وسوف نلقن هذا التاريخ لأبناء المغرب جيلا بعد جيل، إلى أن يحين وقت استرجاع جميع أراضينا من الاحتلالين الجزائري والإسباني..

وفي تقديري، وبقناعتي الشخصية، أرى أننا سنحل كل مشاكلنا مع المملكة الإسبانية، لأنها دولة لنا معها تاريخ حضاري مشترك، وهي من الدول التي تحترم القوانين والمواثيق الدولية، ولا أدل على ذلك من استجابتها للقرار الاستشاري لمحكمة لاهاي الدولية، الذي اعترف بمغربية الصحراء الغربية، وعلاقات أبنائها التاريخية مع العرش المغربي، وخاصة علاقة البيعة؛ وكذلك من خلال موقفها الرسمي الأخير، المساند للمقترح المغربي، فيما يتعلق بمسألة الحكم الذاتي في أقاليمنا الجنوبية..

ملاحظة على سبيل التذكير بالتاريخ:

مقر “جمعية الشبان المسلمين بباريس” تعود ملكيته إلى المملكة المغربية أيضا، وهو يوجد اليوم تحت تصرف التونسيين ..! يا للعجب…

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-