بنكيران..دموعٌ تسبقُ الركوب على إحتجاجات “جيلZ”

بكى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، خلال آخر لقاء حزبي له نهاية الأسبوع المنصرم بمدينة طنجة، في لحظة إنسانية أثارت الانتباه وأعادت الجدل حول شخصية الرجل الذي لا يكف عن صناعة الأحداث السياسية، سواء داخل حزبه أو في الساحة الوطنية.
بنكيران، الذي اشتهر بخطاباته العاطفية ولغته المباشرة، بدا وكأنه يستحضر مساراً طويلاً من الصعود والتراجع، ومن النجاحات والإخفاقات، في لحظة تختلط فيها السياسة بالوجدان.
هذا المشهد يأتي في سياق سياسي محتقن، يتزامن مع انطلاق الحملة الانتخابية المبكرة، حيث بدأت الأحزاب تستعرض أوراقها وخطاباتها استعداداً للاستحقاقات المقبلة. وفي الوقت ذاته، تشهد الساحة المغربية حراكاً شبابياً جديداً تقوده حركة “جيل Z”، التي اختارت النزول من الفضاء الرقمي إلى الشارع، حاملةً مطالب اجتماعية وسياسية، في مشهد يعيد للأذهان بدايات الحراك الشعبي قبل أكثر من عقد.
الذاكرة السياسية المغربية ما زالت تحفظ كيف استثمر بنكيران وحزبه موجة “الربيع العربي” سنة 2011 ليصعدوا إلى رئاسة الحكومة، مستفيدين من خطاب الإصلاح ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، ليتولوا قيادة الجهاز التنفيذي لولايتين متتاليتين. غير أن تلك التجربة انتهت بتراجع كبير لشعبية الحزب في الانتخابات الأخيرة، ما جعل الكثيرين يتساءلون اليوم: هل دموع بنكيران في طنجة كانت تعبيراً عن عجز عن العودة، أم أنها بداية لخطاب عاطفي جديد يسعى من خلاله إلى استنهاض قواعد الحزب وإعادة تعبئتها؟
من جهة أخرى، يختلف السياق الحالي عن لحظة 2011، فجيل الشباب الذي يقود اليوم موجة الاحتجاجات مختلف تماماً عن الجيل السابق. إنه جيل متشبع بالرقمية، أكثر جرأة في التعبير عن مطالبه، وأقل قابلية للانجرار وراء الشعارات الدينية أو الخطابات الأخلاقية التي سبق أن استفاد منها الإسلاميون في الماضي. هذا ما يجعل مهمة بنكيران وحزبه أصعب بكثير، خاصة في ظل منافسة سياسية محتدمة، وتراجع الثقة العامة في الأحزاب والمؤسسات.
وفي النهاية، يمكن القول إن دموع بنكيران لم تكن مجرد انفعال عابر، بل رسالة سياسية مشحونة بالرمزية. غير أن السؤال الأعمق يظل مطروحاً: هل هي دموع النهاية التي تعلن أفول مرحلة سياسية كاملة، أم دموع البداية لمحاولة جديدة للعودة إلى الواجهة في زمن تغيرت فيه قواعد اللعبة.
ليست هناك تعليقات: