-->

MaghribTimes MaghribTimes
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

النقود في المغرب منذ العصور القديمة

أول عملة مغربية
الدرهم المغربي الفضي الإدريسي، يعود لفترة حكم إدريس الثاني (808-828م)

 النقود في المغرب منذ العصور القديمة

شهد المغرب استخدام النقود منذ العصور القديمة في المبادلات التجارية، قبل ظهور الدرهم الذي صاحب دخول الإسلام إلى البلاد. استخدمت الدول الحاكمة النقود كوسيلة لإظهار سلطتها، حيث تعكس العملة قوة واستقلال الكيان السياسي. وقد خضعت العملات في المغرب عبر العصور لتقلبات سياسية واقتصادية عديدة.

القرطاجيون والنقود في المغرب القديم

يُرجّح أن القرطاجيين كانوا أول من أدخلوا النقود إلى المغرب في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، حيث أسسوا مراكز تجارية على السواحل الأطلسية والمتوسطية. قاموا بحملات استكشافية للأقاليم الغربية من المغرب وأسسوا مراكز تجارية لتبادل المنتجات مع الأمازيغ، بالإضافة إلى البحث عن المعادن النفيسة كالذهب والفضة والنحاس. استخدموا النقود في معاملاتهم التجارية، خاصة في دفع أجور الجنود المرتزقة أثناء حروبهم.

وقد أثّر القرطاجيون بشكل كبير في نظام المقايضة الذي كان سائدا في تلك الفترة كأساس للمعاملات التجارية. واقتصرت القطع النقدية على المراكز التي أقامتها الإمبراطورية القرطاجية، وعلى رأسها "تنجيس" و"ليكسوس"، واستمر ذلك حتى خروجهم سنة 40 ق.م على أيدي الرومان.


قطع النقود القرطاجية في المغرب القديم
نقود قرطاجية كانت متداولة في المغرب القديم

 

النقود في عهد الأمازيغ ومملكة نوميديا

انتشر التعامل بالنقود المسكوكة في عهد الأمازيغ الذين حكموا المنطقة، خاصة في فترة مملكة نوميديا التي احتكت بالحضارة الرومانية قبل الميلاد. قامت نوميديا بسك نقود خاصة بها من الرصاص والبرونز والنحاس والفضة، وحملت وجوه ملوك نوميديا مثل "ماسينيسا" و"سيفاكس" و"جوبا الثاني" و"بطليموس"، وجرى تداولها على نطاق واسع تجاوز حدود المملكة.

النقود في العصر الروماني

بعد القرطاجيين، جاء الرومان ليطبقوا نظامهم النقدي في مقاطعة موريتانيا الطنجية الجديدة. وفي القرن الأول الميلادي، اعتمد المغرب على العملة الذهبية المعروفة بالأوريوس. لكن الملك الأمازيغي جوبا الثاني (25 ق.م - 23 م) قام بسك نقود خاصة به تحمل صورته، مما يعكس غنى وازدهار تلك الفترة.

تطور النظام النقدي

في القرن الخامس الميلادي، ومع تراجع الإمبراطورية الرومانية، ظهر نظامان نقديان في حوض البحر الأبيض المتوسط: أحدهما يعود للرومان والآخر لبيزنطة. كما بدأت فتوحات الأمويين (661 – 750م) بتغيير النظام النقدي في المغرب، حيث أصبح الدينار الذهبي العملة المهيمنة في المبادلات التجارية، بينما احتفظ الدرهم الفضي بمكانته.

بداية النقود العربية في المغرب

مع دخول الأمويين إلى المغرب، شهدت المنطقة تحولًا في نظامها النقدي. لعبت مدينة طنجة دورًا في رواج القطع النقدية في المنطقة، واحتضنت دارًا للسك استُخدمت لضرب النقود بالأحرف العربية، خاصة بعد التحول الذي أحدثه الخليفة عبد الملك بن مروان (685-705م) من خلال إضفاء الطابع الإسلامي على التعاملات المالية.

فترة الأدارسة والمرابطين

ظهر الدرهم رسميًا في عهد الدولة الإدريسية سنة 172 هـ/ 788 م، حيث سُك في مدينة فاس وحمل اسم الملكين إدريس الأول وإدريس الثاني. وعاد الدينار الذهبي إلى الواجهة في عهد المرابطين (1040-1147م)، خصوصًا مع تأسيس يوسف بن تاشفين دار السك في مراكش وسجلماسة.

النقود في عهد السلطان الحسن الأول - المسكوكات الحسنية

الموحدون والعصور الوسطى

عند وصول الموحدين إلى الحكم (1120م)، شهد النظام النقدي تحولات جديدة مع تدفق الذهب من "بلاد السودان". استخدم الموحدون الدينار الذهبي والدرهم الفضي، حيث أصبح الدرهم الرئيسي يحمل نقوشًا إسلامية. وخلال العصر الوسيط، احتفظ الدينار الذهبي المغربي بقوته، بينما ظهر الدرهم الفضي من حين لآخر.

النقود في عهد العلويين

تحت حكم العلويين (منذ 1631م) وخاصة في عهد السلطان محمد الثالث (1757-1790م)، استمر تداول الدرهم حتى ظهور الفرنك الفرنسي في أوائل القرن العشرين. وفي عهد السلطان الحسن الأول، تم إدخال ريال حسني يعادل عشرة دراهم.


مسكوكات السعدييندينار ذهبي - عهد السعديين

 

إقرار الدرهم المغربي بعد الاستقلال

بعد استقلال المغرب، أصدر الدرهم المغربي سنة 1958، واعتمد كعملة رسمية للمغرب في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1959، وكان ذلك في عهد وزير المالية الراحل عبد الرحيم بوعبيد. تم تحديد سعر صرف العملة المغربية الجديدة مقابل الفرنك الفرنسي، وبدأ المغرب في تحرير اقتصاده والانضمام إلى اتفاقية "بريتون وودز".

إنشاء بنك المغرب وتطوير النظام المالي

كان إنشاء بنك المغرب في يونيو 1959 خطوة هامة لتعزيز قيمة الدرهم وصيانة مكانته، خاصة بعد قرار إنشاء مصارف تابعة للدولة وتحت وصاية البنك المركزي. وفي سنة 1974، اعتمد السنتيم كجزء من عملة الدرهم (1 درهم = 100 سنتيم)، مما ساعد المغرب على التخلص رسميًا من عملة الاحتلال. وفي مارس 1987، دشن الملك الراحل الحسن الثاني دار السكة في مقرها الجديد بالقرب من الرباط، لتقوم بسك القطع النقدية وطباعة الأوراق البنكية.

المصادر التاريخية

تشير العديد من المصادر التاريخية مثل رحلات الحسن بن محمد الوزان (ليون الأفريقي) وابن بطوطة إلى تطور النقود في المغرب، حيث تقدم معلومات قيّمة حول العملات المستخدمة ومراكز السك.

خلاصة

يمكن القول إن تاريخ النقود في المغرب يعكس تاريخه السياسي والاقتصادي. فقد شهدت البلاد مراحل تطور مختلفة في نظمها النقدية، متأثرة بالظروف السياسية والاقتصادية السائدة. وهذا التنوع في العملات يعكس أيضًا الثراء الثقافي والحضاري الذي يتمتع به المغرب. ورغم أن الدرهم هو العملة الرسمية المتداولة منذ أزيد من 60 عامًا، فإن المغاربة ما زالوا يستخدمون مصطلحات نقدية قديمة في حياتهم اليومية مثل "الريال" و"الفرنك" و"الدورو"، مما يعكس أثر الماضي النقدي الغني في البلاد.


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

زوار المدونة

زوار المدونة

إحصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

MaghribTimes

2016