اختفاء الرئيس الجزائري
اختفاء الرئيس الجزائري يفتح باب التأويل عن مصيره، و إتهامات للتيار الفرنسي “أبناء الشهداء” بمحاولة اغتيال الرئيس
لن نستعين في هذا المقال بتصورات لغوية بلاغية كبيرة و سنكتفي بخطاب تحليلي مباشر، حتى نمنحك أيها القارء الكريم مساحة للفهم السريع و بناء مشهد صحفي يدخلك إلى الواقع الذي يشكل الواقع… !!، فالرئيس الجزائري لمن لا يعرف أين هو و ما مصيره نبلغه أنه يتواجد في مدينةMAINZ الألمانية، و التي تبعد عن العاصمة برلين بحوالي 570 كلم، و هو يتواجد فيها للعلاج من أثار محاولة إغتيال و ليست إنقلابا، “تبون”و قائد الجيش “شنقريحة” هما هدفان للتيار الفرنسي القوي جدا داخل الجزائر، و أن هذا التيار الفرنسي متفرع إلى تشكيلات سياسية و عسكرية و دبلوماسية و رجال أعمال…، و أن الجناح العسكري لهذا التيار و الذي يطلق على نفسه إسم “أبناء الشهداء”، قد دعا إلى محاسبة الرئيس الجزائري بسبب فشل نظامه إلى جانب قائد الجيش في إحداث توازن بالبلاد، و إنقاذ الوضع الاجتماعي الذي بلغ مستوى غير مسبوق من التدني.
ذريعة هذا التيار تنطلق من إعلان البنك المركزي الجزائري أن إحتياطي العملة الصعبة أصبح دون الـ 24 مليار دولار، مما يعني أن الدولة الجزائرية بعد بضعة أشهر لن تجد أموالا لتغطية وارداتها، و إتهامه للنظام الجزائري بعقد صفقة خاسرة مع البيت الأبيض و خسارة الحلفاء التقليديين للجزائر مثل روسيا و فرنسا و دول الساحل…، مما جعل البلاد دون سند دولي، و يقيّمون مرحلة حكم الرئيس “تبون” بأنها أكثر المراحل في التاريخ الجزائري سوءا منذ الإستقلال، و أن الجزائر تمر من عشرية سوداء جديد لا رصاص فيها و يتم قتل المواطن بالحافلات المهترئة و الإذلال و تقديم الوعود المستحيلة، و أن الذي يتجول في البلاد سيظن أن الجزائر تمر من فترة مجاعة، حيث جميع الشعب موزعون على الطوابير بين الماء و الحليب و السميد و الحبوب و القطاني…، و يقول هذا التيار أن النظام الجزائري الحالي أهان الشعب الجزائري في عيد الأضحى و ترك في صدور الرجال غصة و حقد سيظهرونه مع أول خروج للشارع.
“أبناء الشهداء” يعتبرون أن الرئيس “عبد المجيد تبون” لم يكن رجلا سياسيا، و أن تعيينه لقيادة البلاد كان قرارا خاطئا، و أن الرئيس الراحل “بوتفليقة” استشعر فيه ضعفا أمام جنرالات الجيش و قابلية للترويض، و أقاله بعد بضع أسابيع من تعيينه على رأس الحكومة الجزائرية، كما يتهمونه بأنه كان وراء هندسة صفقة المعادن النادرة مع أمريكا، و أنه لم يحصل بالمقابل على أي تنازل أمريكي أو أي مصلحة من واشنطن، فقط تحصل على وعد بعدم إدراج القيادة الصحراوية في قوائم الإرهاب، و وعد أخير بإمكانية منح الجزائر بعض الصفقات العسكرية التي لا تؤثر على التوازن العسكري في شمال إفريقيا، فيما تحصل الرباط على تنازلات أمريكية بحجم الجبال.
التيار الفرنسي الذي يريد إنهاء حكم الرئيس “تبون” يتهم قيادة الجيش و الرئيس الجزائري بالفشل في إدارة ملفات حافظ عليها القادة الجزائريين لـ 60 سنة، و يتعلق الأمر بملف الصحراء ، و ملف لقبايل الذي أصبح رعبا حقيقيا للنظام الجزائري، و ملف الصحراء الشرقية و منجم غار الجبيلات الذي كان مسكوتا عنه، و ملف تمويل الحركات الإسلامية في العمق الإفريقي و تغذيتها و الحفاظ على ولائها للنظام الجزائري، الذي أخرجته التحقيقات الروسية و الفرنسية إلى الوجود و سيدخل قريبا غرف النقاش الأممية، و ملف التسليح الاستراتيجي السري مع موسكو، و ملف العلاقات السرية و الولاءات داخل الإتحاد الإفريقي…
و بالبحث في التاريخ الرئاسي الجزائري، يتضح أنه لا يوجد رئيس جزائري أنهى فترة حكمه بشكل طبيعي، حتى في عصر الاحتلال العثماني، جميع البايات كانوا يتعرضون للمؤامرات و الغدر، و تنتهي فترات حكمهم بشكل تراجيدي، و قد لا يخرج الرئيس الجزائري عن القاعدة و يشكل الإستثناء.

No comments: